لو سألت من هو أعظم فيلسوف في العالم؟ لأجاب الكثير أنه الإغريقي سقراط معلم أفلاطون ومن بعده أرسطو مرورا بفلاسفة العصر الحديث مثل ديكارت و نيتشه و طاغور ، أو إن كانت هناك من لديه بعض التعصب للعرب والمسلمين لقال لك الفارابي أو ربما الغزالي أو حتى ابن رشد ، وربما عدد أسماء أخرى ، ولكن القليل حتما سيذكر لقمان ، لأننا اعتدنا أن لقمان مجرد شخصية قرآنية ولم نحاول أن نربطها بفكرنا المعاصر ، وأنه هو أعظم فيلسوف عرفته البشرية ، وكيف لا وله سورة باسمه تتلى في القرآن الكريم وتصفه بالحكمة ، وأنا لم أنظر اليه كفيلسوف الا عندما عرفت المعنى الحقيقي للفلسفة فهي في لغة الإغريق تعني محبة الحكمة ، ولكننا أيضا لم أعرف عنه سوى أنه عبد حبشي و سمعت القليل من حكمه ، لذلك أود أن ألقي الضوء على بعض الجوانب الأخرى عنه.
أولا اسمه لقمان وقد ذكر الكثيرين أن معنى لقمان هو الرجل الكثير اللقم والأكل ، ولكن ذلك لا يتفق مع رجل محب للحكمة ولكنه أكول ، لذلك لابد من معنى آخر لكلمة لقمان ، فهو إما لأنه كان يلتقم الحكمة التقاما ، أو أن كلمة لقمان جاءت من اللقم وهو وسط الطريق(1) فجاء معنى لقمان من كثرة المشي فيه أو أنه منهج الطريق(2)، ومن المتوارد عن صفته أنه كان حبشيا عظيم الشفتين والمنخرين وأفطس الأنف ، ولكنى لم أجد ما يثبت صحتها ، لذلك سأكون محايدا في صفاته هذه. ثانيا كان للقمان ابن يتعلم منه وربما لينقل عنه فيما بعد ، ففي أول موعظة للقمان مع ابنه يأمره بعدم الشرك وتوحيد الله (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) ، وهي قضية هامة ومن الواضح أنها من أهم القضايا في ذلك الزمان ، وبعدها نجد لقمان يسترسل في حديثه عن الأخلاق والتأمل في قدرة الله للوصول الى الحقائق ، وم العجيب أن هذا الفيلسوف أنه لم يلقى حظه من التكريم عندنا ، مع أن الله كرمه أيما إكرام وأنزل سورة باسمه ولكن نحن بمنئ عن ذلك ، إلا إذا كان هناك اشارة الى أمر آخر.
عزيزي القارئ لو أهملنا الجانب الزمني لشخصية لقمان فهو غير محدد بالنسبة لنا ، وأعدنا صياغة النقاط السابقة لشخصية أخرى تتناسب معها ، لوجدت أن هناك تطابقا شديدا بين شخصية لقمان وسقراط ، فسقراط هو معلم أفلاطون الذي كان ملاصقا له وأخذ الكثير من علمه وكأنه بمنزلة ابنه فهو الوحيد الذي نقل لنا من أفكار سقراط ، وأرسطو هو تلميذ أفلاطون وهو صاحب فلسفة المشائين(3) والتي ربما تعلمها من فكر المعلم الأول ، ولكن أهم قضية ناقشها سقراط في حياته هي التوحيد وذلك ما أودى بحياته فيما بعد ، فالمجتمعالإغريقي كان وثنيا متعدد الآلهة وكان سقراط معارضا لهذا الفكر ومؤمنا بالاله الواحد. ومن التشابهات ألأخرى هي اهتمام كلا من سقراط ولقمان بعلم الأخلاق ، فكل حكمهم ومواعظهم كانت تصب في هذا الجانب. والغريب أن اسم سقراط على وزن لقمان ، وعندما بحثت عن سقراط فوجئت بصورة تقريبية تشبه الى حد كبير صفات لقمان!
ربما أكون مخطئا ، ولكن شخصية عظيمة مثل لقمان لابد أن لها اسهاماتها في الحياة حتى لو كنا نجهلها ، وبالمناسبة لقد وجدت أنني لست الوحيد من وصل لهذا الاستنتاج فهناك آخرون.
(1)* القاموس المحيط
(2)* مقاييس اللغة
(3)*اتجاه فلسفى سار أصحابه على فلسفة أرسطو وعرفوا باسم المشائيين، وسمى مشائيا لأن أرسطو كان يعلم تلاميذه ماشيا
ربما أكون مخطئا ، ولكن شخصية عظيمة مثل لقمان لابد أن لها اسهاماتها في الحياة حتى لو كنا نجهلها ، وبالمناسبة لقد وجدت أنني لست الوحيد من وصل لهذا الاستنتاج فهناك آخرون.
(1)* القاموس المحيط
(2)* مقاييس اللغة
(3)*اتجاه فلسفى سار أصحابه على فلسفة أرسطو وعرفوا باسم المشائيين، وسمى مشائيا لأن أرسطو كان يعلم تلاميذه ماشيا