بين يدي الخضر

من التفاسير الرائعة لقصة سيدنا موسى مع الخضر عليهما السلام في سورة الكهف ، هو ما يربط بين أحداث القصص الثلاث (السفينة والغلام والجدار) وما مر على سيدنا موسى من أحداث في حياته ، وكيف أنه لم ينتبه لهذا التشابه قبل أن يسأل ويتسائل ، فالسفينة ما كانت لتغرق بسبب الخرق والا لكان التابوت التى ألقته أم موسى وهو يحمله عندما كان طفلاً أولى بالغرق ، وأن قتل الغلام بغير نفس لم يكن شراً محضاً فموسى كان قد قتل خطأً ذلك القبطي الذي أساء الى الاسرائيلي وبعدها تبين له الكثير من الحقائق ، وأنه لا جدوى من إقامة الجدار بغير أجر مع أن موسى كان قد أتم عشر سنوات في خدمة شعيب عليه السلام مع أنه سأله سبعاً فقط ، وهو تحليل منطقي ومقنع لهذه الوقائع ، ولكن لي تأمل آخر.
في قصص الخضر الثلاث كانت هناك زمان وإرادة لكل قصة ، ففي قصة السفينة كان الزمان هو الحاضر ، أي أن المساكين كانوا يعملون والملك سوف يستولى على سفينتهم في نفس الزمان ، وكانت الإرادة هنا للخضر بذاته حسب نص ألآية (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا) مع أن ألأمر كله لله ولكن القرآن أوضح لنا أن الخضر نسب الإرادة لنفسه ، أما في قصة الغلام فقد كان الزمان هو المستقبل ، لأن القرآن يقول على لسان الخضر (فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا) وهو أمر مستقبلي توقعه الخضر ظناً ، والملاحظ هنا أن الخشية لم تكن من الخضر وحده والضمير لوجود (نا) الدالة على الفاعلين وليست للتفخيم ، وكذلك الإرادة في قوله (فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا) فقد نسب الخضر الإرادة لنفسه وللضمير (نا) بنفس الحالة السابقة - إذا أردنا أن نبحث عن (نا) فذلك بحث آخر ، أما في آخر قصة وهي قصة الجدار فقد كانت عن كنز من الماضي ، ولكن الخضر نسب الارادة لله وحده بوضوح وبدون اجتهاد .
هناك من يقول أن الارادتين في قصتي السفينة والغلام كانتا للخضر تأدباً مع الله لأن الخرق والقتل أفعال سلبية ، أما الإرادة في قصة الجدار فقد كانت للبناء وهو فعل إيجابي فنسبه الخضر كله لله وربما هو كذلك ، لكن الضمائر المستخدمة والمختلفة في كل قصة ، تفتح لنا باباً لنعيد التفكير في ما اعتدنا علىسماعه من تفسير.

هناك تعليق واحد:


  1. تأمل وتحليل مقبول ومعلومات جديدة عن الفترات الزمنية ...
    ولكن ياترى ماهي المعاني الأخرى الباطنية لتلك الاحداث ،فقد عرفنا جميعا المعاني الظاهرة !؟

    ردحذف